طرق إبداعية لتحسين صحتك العقلية

لقدد أجبرتَ على قضاء عدة أسابيع في المنزل منذ إصدار التوجيهات الحكومية بضرورة البقاء في المنزل. كان الأسبوعان الأولان رائعين، فقد قضيتَ أخيرًا وقتًا ممتعًا مع عائلتك. كانت تلك الفترة في البداية بمثابة استراحة سريعة شعرت خلالها بسعادةٍ بالغةٍ. لكن استمرار تدابير الإغلاق ربما يكون قد أثار بداخلك أسئلة عديدة: متى تعود الحياة إلى طبيعتها؟ هل ستُصبح الحياة آمنةً مرةً أخرى؟ ستساورك هذه التساؤلات سريعًا، وإذا لم تتوخى الحرص فقد تجد نفسك غارقًا في عالم من الشك وعدم اليقين. وتجنبًا لذلك، داوم على القراءة لمعرفة بعض الطرق والحيل الإبداعية التي قد تساعدك في إراحة بالك والبقاء منشغلًا خلال تلك الفترة.

الجانب العلمي

تناول الباحثون في السنوات الأخيرة وأثبتوا مدى التأثير الإيجابي للإبداع على الصحة العقلية والنفسية. ومن أبرز هذه التأثيرات تحسين الحالة المزاجية والتخفيف من القلق وتحسين وظائف المخ وتعزيز الجهاز المناعي والوقاية من الأمراض. وعندما نسلك سبيل الإبداع، فإننا ندخل في حالة تُسمى التدفق الذهني، التي تجعلنا ننسى مؤقتًا "العالم الخارجي"، وهنا ينخفض معدل ضربات قلبك ويُصبح عقلك مركزًا وفي أوج نشاطه. وبعيدًا عن الفوائد المباشرة للتدفق الذهني، تُحفز الأفكار الإبداعية المتكررة مراكز المكافأة في أدمغتنا لإفراز الدوبامين، وهي مادة كيميائية تساهم في "تحسين المزاج والشعور بالسعادة". ويعمل الدوبامين كمضاد طبيعي للاكتئاب ويُحسن حالتك المزاجية ويحفزك على القيام بالمزيد من الأعمال.

المبدعون

قبل أن نتعمق أكثر في الموضوع، دعونا نُبدد الأسطورة الشائعة المتمثلة في أن الإبداع يقتصر فقط على المبدعين. بالطبع، ثمة أشخاص يتمتعون بموهبة فطرية في الإبداع، ولكن ذلك لا يُقيد أو يعيق أي شخص آخر عن الإبداع أو السعى نحو الإبداع. ولا ينصب التركيز عندما نتطرق إلى الإبداع والصحة العقلية على مدى إيجابية النتائج فقط، وإنما يكون التركيز على عملية الوصول إلى النتائج المرجوة. لذا، تخلص من الحواجز التي تُعيقك وأطلق العنان لبيكاسو الذي بداخلك (أو همينغوي أو ميكيلانجيلو أو أي من المبدعين العظام).

وسائل الإبداع

ثمة العديد من الوسائل المستخدمة للتعبير عن الذات بشكلٍ إبداعي. وفيما يلي بعض من هذه الوسائل التي يمكنك القيام بها في المنزل بكل سهولةٍ ويسرٍ:

التعبير بالكلمات – فكر في كتابة يومياتك أو تأليف الشعر أو القصص الخيالية، وما إلى ذلك. تُعد هذه الطريقة من أسهل سبل الإبداع، فكل ما ستحتاجه هو قلم وورقة (أو حاسوب، إذا كنت تفضل الكتابة على الحاسوب). لقد عثرت مؤخرًا على دفتر يومياتي عندما كان عمري 13 عامًا، وكنت وقتها حديثة التخرج من مدرسة داخلية، وقد غمرتني سعادة بالغة عندما قرأت ما كنت أفكر فيه في ذلك الوقت وأذهلتني آرائي بشأن العالم الذي كان يدور حولي. تخيل أن تتعثر في مجلة من تلك الفترة بعد عشرين أو ثلاثين عامًا من الآن؟ ستساعدك هذه المجلة على معرفة تلك الحقبة الزمنية من وجهة نظرك الخاصة.

الصور – الرسم والتصوير الفوتوغرافي والتلوين، تُعد هذه الأنشطة أساليب شيّقة لإعداد صور مرئية. فكّر في إعداد مجلة من الصور لهذه الفترة، التقط صورة واحدة يوميًا لأي شيء من حولك مثل صورة شخصية أو صورة للطبيعة أو جسم معين أو طعام وما إلى ذلك، ثم احتفظ بهذه الصورة في نموذج رقمي أو يدوي. قد تجد أيضًا أن التلوين في كتب التلوين الرقمية أو اليدوية علاجًا جيدًا لتحسين الصحة النفسية والعقلية.

الديكور – ابدأ بإزالة الفوضى، عادةً ما تؤثر إعادة تنظيم المكان الخاص بك تأثيرًا مماثلًا على عقلك. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تصادف بعض الذكريات المنسية التي تعود بك إلى ذكريات الماضي وتغمرك بمشاعر دافئة. وبعد إزالة الفوضى، يمكن تزيين منزلك على نحوٍ بسيطٍ مثل إعادة طلاء الحائط أو تغيير مكان الأثاث أو تعليق شيء ما مصنوع يدويًا.

الموسيقى – تُعد الموسيقى من أكثر وسائل الإبداع شيوعًا. وفي بعض الأحيان، قد يُغير الاستماع إلى الموسيقى حالتك المزاجية إلى الأفضل، ولكن يمكنك المضي قدمًا من خلال تعلم غناء أغنية من نوع جديد لا تستمتع إليه عادةً، فمثلًا، هل تعجبك الموسيقى الكلاسيكية؟ حاول أن تتعلم أغنية راب. كما يعد تعلم العزف على آلة موسيقية خيارًا رائعًا أيضًا، وهناك العديد من البرامج التعليمية عبر الإنترنت التي يمكن أن تساعدك على ذلك. ويعتبر الرقص طريقة أخرى للتفاعل مع الموسيقى. نصيحة: حدد ساعة معينة في منزلك على أنها ساعة رقص (لكي يُصبح وقتًا يترك فيه الجميع ما يفعلونه ويبدأون في الرقص).

الطعام – يُمثل الطعام العادة المفضلة لدي جميع الأشخاص تقريبًا. سنأكل الطعام على أي حال، فلماذا لا نستمتع بالأمر؟ جرب وصفات مختلفة لأطباقك المفضلة أو جرب مأكولات جديدة تمامًا من ثقافات مختلفة. ويمكنك أن تستغل الأمر في نزهة عائلية، وبهذه الطريقة ستُصبح لديك مهمة لمعرفة "مأكولات" جديدة!

المشاركة – تُصبح الأشياء البسيطة أكثر فائدةً مثل العطاء والمشاركة ولا سيما في أوقات الأزمات. وإذا كنت بارعًا في أداء بعض الأنشطة الإبداعية مثل الكتابة على سبيل المثال، فقد تفكر في توجيهها للصالح العام. تقبل العديد من المنظمات الإنسانية مثل الأمم المتحدة المتطوعين الشخصيين والمتطوعين عبر الإنترنت للمساعدة في محاربة الوباء. وقد تستغل أيضًا منصة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك لمشاركة مواهبك مع الآخرين. فكّر في أن تقوم بتمارين منتظمة أو وصفات طعام أو تأليف الشعر أو تعلم حرفة أو الاستماع إلى الموسيقى، أو ممارسة كل ما تجيد فعله وتتقنه، سواء في شكل برنامج تعليمي أو مجرد أداء متميز، وبذلك سيستفيد الناس وأنت كذلك.

خلاصة القول أن العالم أصبح نافذةً مفتوحةً وغير مقيدًا بمكانٍ ويمكن أن يكون الإبداع هو الريح التي توجهك في الاتجاه الصحيح وسبيل نجاتك. هل هناك أنشطة أخرى ساعدتك لتبقى متوازنًا وثابتًا خلال هذه الفترة؟ شارك هذه المقالة مع أصدقائك وعائلتك الذين يحتاجون إلى الدعم. حفظكم الله من كل مكروه!