نعيش في عالم سريع الخطى يتحرك به كل شيء بسرعة كبيرة إلى حد أن حياتنا قد تتغير تمامًا في لحظة واحدة. ربما كانت جائحة كوفيد-19 سببًا في جعل هذا الأمر أكثر وضوحًا – فبعد أن كنا نستشرف العام الجديد بخطط مفعمة بالأمل لعقد جديد؛ وجدنا أنفسنا فجأة عالقين في حالة من الإغلاق التام، واضطررنا إلى حبس أنفسنا واكتشاف طرق جديدة للاستمرار في حياتنا. ومع كل ذلك، يبقى هناك جانب إيجابي في التغيير المفاجئ وهو أنه يبشر بفرص جديدة، وتقنيات جديدة، وطرق عمل جديدة، وما إلى ذلك. فالإنسانية لا تزدهر إلا من خلال التطور، والطريقة الوحيدة – ليس فقط للبقاء على قيد الحياة بل للبقاء في الصدارة، هي التعلم المستمر.
فإلى جانب أن التعلم هو وسيلتنا الأولى للبقاء على قيد الحياة، فقد ثبت أيضًا أن تعلم أشياء جديدة يجعلك في الواقع أكثر سعادة، ذلك أن عقلك، مثل معظم العضلات الأخرى في جسمك؛ يزدهر بالتمرين، وبتعلم مهارات جديدة تتحسن وظائف عقلك. في الواقع، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الشغوفين بالتعلم المستمر أقل عرضة للإصابة بالخرف.
وثمة فائدة أخرى لكونك من الشغوفين بالتعلم مدى الحياة، وهي أنك تصبح شخصًا أكثر إثارة للاهتمام، لأن اطلاعك الواسع يسهل عليك التواصل مع الآخرين ويعزز علاقاتك الشخصية نتيجة براعتك الاستثنائية في إجراء المحادثات القصيرة والعامة، وسيتهافت الجميع لدعوتك إلى حفلات الغداء والعشاء حتى قبل أن تتعرف عليهم.
والآن بعد أن أثبتنا فائدة التعلم المستمر، دعونا نلقِ نظرة على الطرق المختلفة التي يمكنك اتباعها في هذا المسار؛
1. الدورات التدريبية عبر الإنترنت: هناك العديد من منصات التعلم عبر الإنترنت التي تقدم مجموعة واسعة من المحتوى التعليمي، بدايةً من الفيزياء التطبيقية إلى التصوير الرقمي. يمكن الحصول على العديد من هذه الدورات مجانًا، بينما يتطلب بعضها سداد رسوم معينة. تمنح معظم الدورات المدفوعة شهادات معترف بها وبالطبع يمكن استخدام هذه الشهادات لتعزيز سيرتك الذاتية. لذا، احرص على اختيار المجال الذي يناسب أهدافك التعليمية. وهنا لا بد أيضًا أن نشير إلى أهمية الانضباط الذاتي باعتباره أحد أهم عوامل النجاح في الدورات التدريبية عبر الإنترنت. بمعنى أنه لتحقيق أقصى استفادة من الدورات التدريبية عبر الإنترنت، يجب أن تكون منضبطًا بنفس القدر كما لو كنت تحضر دروسًا فعلية في المدرسة.
2. التعلم عن بعد: إذا كنت تفكر في الحصول على درجة دراسات عليا رسمية مثل ماجستير إدارة الأعمال على سبيل المثال، فلربما يجدر بك التفكير في الحصول عليها عن طريق التعلم عن بعد. تعمل المؤسسات التعليمية بشكل متزايد على تحسين عروض التعلم الخاصة بها، لا سيما في ظل تفشي كوفيد-19، مما يسهل عليك الحصول على درجة الدراسات العليا دون الحاجة إلى ترك وظيفتك الحالية أو الانتقال إلى مقر الدراسة. لذا، استفد من المرونة التي يوفرها هذا الخيار وارتقِ بمستواك في حياتك المهنية.
3. التعليم على رأس العمل: توفر بيئة العمل فرصة فريدة لتعلم أشياء جديدة، فهناك بعض الأشياء التي لا يمكن تعلمها إلا بالممارسة. فكر في التطوع لمواجهة تحديات جديدة في وظيفتك واعتبر كل منها فرصة للتعلم. احرص على تطوير مهاراتك الشخصية، وتحدث إلى صاحب العمل لوضع خطة تدريب في بداية كل عام. تعد التفاعلات مع الزملاء في مكان العمل أيضًا طريقة رائعة للتعلم. لا تفترض أبدًا أنك تعرف كل شيء، بغض النظر عن مدى كونك خبيرًا في الموضوع. شاهد كيف يقوم الآخرون بالأشياء. استمع إليهم واطرح الأسئلة عليهم. اسعى للحصول على ملاحظات حول أدائك وتقبلها بلطف.